فالريح لم تعد ريحًا والوجوه التي ألفناها للم تعد وجوهًا.

في هذه البلدة التي ينبت فيها الخوف مع الرغيف, وتخزن شمسها وراء الغيوم الثقيلة, ويصير الموت والحياة وجهين لنمط واحد من الخلق.

لو تعرف كيف ينحرف الموت عن معناه أمام امرأة مثلها؟

الطفولة؟ هذا الذي بقي في فراغ انفسنا بعدما خسرنا كل شيء, وحين نخسر هذه الطفولة النقية سنتحول حتمصا إلى كائنات جافة وربما إلى دواب.

حين نفقد طعم الحياة, نعود إلى أكل بعضنا البعض. نتآكل فيما بيننا كالحيوانات المفترسة.

أتعبنا الليل والمسافات البعيدة التي لاينتهي امتدادها.

القرية متعبة. الناس متعبون. والحيوانات بدورها صارت متعبة. الجميع يفتح عينه على البؤس ويغمضهما عليه. الذين سبقونا إلى الشهادة, قبورهم نبتت عليها الحشائش المتوحشة وتناستهم الذاكرة.

سر ياولدي, بيننا وبين الوصول إلى قلب لونجا مسافات الليل زالدم والنجوم. سر. بيننا وبين السيف الذي شق وجه الجاية وانتزع ثدييها, ليل من الهم ووادٍ من الدموع.

صدقني أنني في خلوتي أبكي حتى الموت, أبكي بيأس وذعرٍ.